التقى وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني أبو لبدة مع وزير الصناعة والتجارة "الإسرائيلي" بن العيزر في مدينة القدس المحتلة، أمس الأربعاء. وفي حين شدد أبو لبدة على أن "هذه اللقاءات ليست سياسية"، أفادت جريدة الأيام أن "أبو لبدة" حمل رسالة من أليعاز إلى رئيس السلطة دعاه فيها إلى التوجه مباشرة إلى المفاوضات، وحمّل إليعاز رسالة "سلام بين الشعبين" إلى نتياهو.
 
وأفاد أبو لبدة أنه يسعى للحصول على عدم اعتراض إسرائيل على انضمام فلسطين إلى منظمة التجارة العالمية، وقال "ونحن نبحث هذا الموضوع مع الجانب الإسرائيلي منذ فترة"، وأكّّد على اتفاقهما على الاجتماع بين الفترة والأخرى، وبيّن أن جهوده تأتي في محاولة لإعادة "إسرائيل إلى الاتفاقيات التي وقعت، لأنها الإطار الوحيد الناظم للعلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية" على حد تعبيره.
***
بينما يحرّك وزير الاقتصاد الفلسطيني الحملة المضللة لمقاطعة بضائع المستوطنات، ها هو يؤكد يوما بعد يوم على نشاطاته التطبيعية، ويعمل على تنسيق اقتصادي خطير مع دولة الاحتلال ليكمل مشروع التنسيق الأمني الذي تقوم عليه السلطة، وقد سبق أن خاطب رجال أعمال "إسرائيليين" في نيسان الماضي في الناصرة عارضا خدماته واستشاراته لتوصيل بضائعهم إلى البلاد العربية، عندما حث في حينه على "تطوير الهوية الاستثمارية والاقتصادية للوسط العربي الفلسطيني، بصفته جسرا محتملا للعلاقات الاقتصادية الإقليمية بين العالم العربي، ودولة إسرائيل" حسب تعبيره الذي نقلته وكالة معا في 13/4/2010. فما جدوى المقاطعة لبضائع المستوطنات إذا كان يدعو العرب في الأرض المحتلة عام 1948 ليكونوا جسر التطبيع الاقتصادي ما بين "إسرائيل" والبلاد العربية وطالما أنه مستمر في لقاءاته التطبيعية مع قادة الحرب في دولة الاحتلال؟
 
وهو يؤكد استمرار التواصل والتنسيق الاقتصادي –رغم كل الفرقعات الإعلامية للسلطة حول توقف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة- فإذا كانت الاتصالات الاقتصادية مستمرة بموازاة التنسيق الأمني، فما الذي توقف غير فقاعات الحديث عن الدولة الفلسطينية الموهومة؟ وخصوصا أنه يقرّ بأنه حمل وحمّل رسائل تتعلق بالعلمية السياسية!
 
وإن منظمة التجارة الدولية والتي يسعى للانضمام إليها هي واحدة من الأفاعي الرأسمالية التي تنفث سمومها بعد أن تغرس أنيابها في أعناق الدول، ومن ثم تحصد الأخضر واليابس من خيراتها، وتقودها للتبعية والاستعباد. وهي نشأت كتوأم (اقتصادي) لمنظمة الأمم المتحدة (السياسية)، وهما يعملان سويا على تكبيل دول العالم سياسياً واقتصاديا، وذلك من أجل هيمنة الدول الرأسمالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. فأي غاية يريدها من سعيه الباطل هذا غير إغراق سلطته في هذا الوحل وفتح أسواقها للبضائع المستوردة ؟ وخصوصا أن المنتجات الفلسطينية لا تملك القدرة على المنافسة والتصدير ؟
 
إن هذه القيادات المصنفة سياسية (!) ما هي إلا أنماطا من "المدراء" الذين يتقنون فن تنفيذ التعليمات الأمريكية، ولا يعيشون إلا على هوامش المؤسسات الدولية، ولا يتقنون إلا لغاتها وأدبيّاتها، ومن المحال أن يكونوا ساسة مبدئيين ويتشرّبون مفاهيم الرعاية الحقيقية للناس على أساس ثقافتهم وحضارتهم ومصالحهم الحيوية، وإذا مارسوا سياسة فلا تخرج عن حدود الاستجداء لإعادة "إسرائيل إلى الاتفاقيات".
5/12/2010