تعليق صحفي:

التدويل ... المؤامرة المفضوحة التي لا يخجل منها دعاتها !

 

يجري الإعداد لمشروع قرار عربي أوروبي بشأن سوريا يطرح على مجلس الأمن الدولي، في ظل خلافات وصراعات استعمارية على النفوذ والمصالح، ويتركز الخلاف حول نص يدعو إلى تنحي بشار، ومن الواضح أن القرار الذي يتبلور، يدور الآن حول "حل سلمي" حسب خطة جامعة الدول العربية، دون نقل السلطات أو الصلاحيات من بشار.

إن المتابع لكواليس الأمم المتحدة يدرك بوضوح كيف وقفت روسيا علنا تحمي نظام بشار المجرم، لتحمي من خلفه مصالحها، فيما حاول المجلس الوطني السوري طمأنتها بلا جدوى، حيث هددت روسيا باللجوء إلى الفيتو ضد أي قرار يتعلق بسوريا تراه "غير مقبول".

وبينما تتحدث أمريكا لغة إعلامية مخادعة تسترضي من خلالها المشاعر الساذجة، فإن أعمالها السياسية تتركز في إطالة عمر نظام بشار، من خلال تحريك جامعة الدول العربية، التي هي أداة سياسية مسخرة بيدها، ومفضوحة أمام الثائرين الذين رفعوا شعار "الجامعة العربية تقتلنا".

وستُبقي أمريكا على هذا النهج حتى تؤمّن بديلا لبشار، ينقذ نفوذها في سوريا ويقطع الطريق على المخلصين في الثورة، ويديم "النسيج السياسي" المعقّد في المنطقة، والذي حاكته أمريكا طيلة عقود من المكائد والمؤامرات السياسية، تمكّن فيها النظام السوري من الإدعاء بالممانعة فيما ظل يلهث مرارا خلف الحلول السلمية مع كيان اليهود، واحتضن رموز المقاومة فيما حمى حدود دولة الاحتلال، ولم يعبر تلك الحدود "الآمنة" أي مقاوم !

ومن الملاحظ أن عملية تولّد البديل-العميل لأمريكا ظلّت عسيرة أمام مقاومة وإخلاص الثائرين على الأرض، والذين لم يستطع المجلس الوطني الهزيل احتواءهم، وخصوصا أنهم كشفوا عن ميل هذا المجلس عن الأمة نحو الغرب، ومحاولاته لإعادة تشكيل الثورة –من خلال التدويل- على غرار "الثورات" التي اختطفها الاستعمار البريطاني والفرنسي قبل عقود عندما سحب قواته وأبقى رجالاته.

وفي سياق لهث المجلس الوطني المفضوح خلف التدويل، تكررت محاولات دفع فكرة التدويل وفرضها على أهل الثورة على الأرض في سوريا، فمثلا تكرر حسم التصويت لشعارات وعناوين للجمع الثورية في الشام أبطلت التدويل، مثل جمعة "دعم الجيش السوري الحر" وجمعة "إن تنصروا الله ينصركم"، ومع ذلك عملت بعض الأيادي التي تتحرك مع المجلس الوطني على إقحام التدويل ضمن شعارات تلك الجمع، فخطت في ذيل تلك الشعارات "يبقى التدويل مطلبنا"، و" "التدويل مطلبنا" في محاولة لتزييف إرادة الثوار وتطلعاتهم.

ولقد شاركت بعض الفضائيات في دفع مؤامرة التدويل، منها فضائية الجزيرة التي أعلنت ليلة جمعة "إن تنصروا الله ينصركم"، على أنها جمعة "التدويل مطلبنا"، قبل أن يخذلها الثائرون على الأرض، فعادت في اليوم التالي ورضخت لشعارهم الصحيح.

إن من يدعي ثورة تستقوي بالأجنبي وتتعهد له بحماية مصالحه لا يمكن أن يدّعي نضالا ضد الاستعمار، وإن الثورة الحقيقية التي يخوضها الناس على الأرض هي التي ستخلع بشار وأعوانه بسواعدهم بعد إيمانهم، وتبقى مخلصة خالصة لا تتلوث بالتدويل الذي يمكّن المستعمر من رقاب المسلمين، لتبقى ثورة حتى الخلافة.

2-2-2012