تعليق صحفي

"المنظمات غير الحكومية "..غربية التمويل والولاء ولا ينتظر منها إلا تفريخ العملاء!!

 

تطفو على السطح من حين لآخر تصريحات لرجال السلطة بشقيها في غزة والضفة الغربية عن عمل المنظمات غير الحكومية وعن نشاطاتها المشبوهة وكونها غطاءً لعمل أجهزة المخابرات العالمية، لتغدو حقيقة تلك المنظمات كأنها اكتشاف جديد لدى رجال السلطة ومن يدور في فلكهم.

 

فقد قال العقيد محمد لافي خلال محاضرة أمنية لطلبة الجامعة الإسلامية بغزة، "قطاع غزة مليء بأجهزة المخابرات الأجنبية، كالأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية، والكل يستهدف القطاع".

 

وقبله طالب بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بوقف ما أسماه حملات التشويه والتزييف التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية ضد الشعب الفلسطيني، "خدمة لأجهزة الدول المانحة لهم"، واستشهد زكارنة بمقولة الرئيس ريغان الذي قال إن "ما نجمعه من معلومات من المنظمات غير الحكومية بيوم لا تستطيع المخابرات جمعه بسنوات!!"، وقال: "إن كل المهام لهذه الجمعيات أما تقارير مشبوهة أو بث عادات بعيدة عن تقاليد الشعب الفلسطيني أو سرقة أموال اذا لم يتم الرقابة عليها ومتابعتها".

 

ومع ذلك تبدو تلك التصريحات موسمية في ظل الصمت المطبق من قبل السلطة على عمل تلك الجمعيات المشبوهة، وتماهي سياسة السلطة مع أجندات تلك المنظمات وحمايتها لها وتوفير الغطاء القانوني لوجودها، فليس بالجديد ولا بالاكتشاف العظيم معرفة واقع تلك المنظمات غير حكومية، وأنها تخدم مموليها وتنفذ مشاريعهم الاستعمارية التي تضمن نفوذهم في البلاد التي يزرعون فيها منظماتهم "غير الحكومية" كأداة استعمارية جديدة.

 

فالدول الغربية ليست جمعيات خيرية تنفق الملايين لرعاية المحتاجين حول العالم أو تسهيل سبل عيشهم؛ بل هي ذات الدول المتوحشة التي تسحق شعوبا وتدمر بلدانا في سبيل الحصول على الثروات والطاقة!!.

 

وتتعامل الدول ذات السيادة مع هذه المنظمات من هذا المنظور؛ فقد وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانوناً يطالب المنظمات غير الحكومية ذات النشاط السياسي والممولة من الخارج بالتسجيل بصفتها "وكيل أجنبي".

 

وكان البرلمان الروسي بمجلسيه قد أقر مشروع القانون، وذكر الكرملين في بيان أن بوتين "وقع قانوناً فيدرالياً ينظم نشاطات المنظمات غير الحكومية التي تصنف كعميل أجنبي". ويقول الكرملين إن هذا القانون يهدف إلى حماية روسيا من المحاولات الخارجية للتأثير في السياسة الداخلية.

وتتعامل كثير من الدول مع المنظمات الممولة من الخارج بنفس هذه الطريقة ومن تلك الدول أمريكا ذاتها!!!

 

فقد جاء في " قانون تسجيل الوكلاء الأجانب" الذي ينظم عمل تلك المنظمات في أمريكا:

"يطالب هذا القانون أي شخص أو منظمة (سواء كانا أميركيين أو أجنبيين) يكون "وكيلا لأي موكّل أجنبي" أن يسجل نفسه لدى وزارة العدل وأن يكشف عن الموكِّل الذي يعمل الوكيل بالوكالة عنه. والموكِّلون الأجانب يمكن أن يكونوا حكومات أو أحزابا سياسية أو أشخاصا أو منظمات خارج الولايات المتحدة (باستثناء المواطنين الأميركيين) أو أي كيان منتظم بموجب قوانين البلد الأجنبي، أو أن مركز عمل الجهة الموكِّلة موجود في بلد أجنبي. ويطالب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب الأشخاص الذين يعملون بصفة وكلاء لموكلين أجانب أن يقدموا في بعض الأحوال بيانات دورية تكشف علنا عن علاقتهم بالموكلين الأجانب وعن نشاطاتهم وعن مداخيلهم ومصروفاتهم دعما لتلك النشاطات... وتخضع المنظمات الأميركية غير الحكومية لما تخضع له الشركات الأميركية الأخرى من منع التعامل مع الحكومات أو الأفراد الخاضعين لعقوبات أميركية ومع الجماعات المصنفة كمنظمات إرهابية أجنبية أيضا."

 

أما قوانين السلطة الفلسطينية، وبحسب المركز الدولي لمراقبة قانون عمل تلك المنظمات: فقد "استطاعت المنظمات غير الحكومية أن تحقق ما أسمته "مشارف النصر الكامل". فقد أُعتبر قانون المنظمات غير الحكومية الذي أجيز أخيراً في عام 2000م لسنوات عديدة أنه القانون الأكثر تحرراً والأقل تقييداً للمنظمات غير الحكومية في منطقة الشرق الأوسط." بل في العالم كله، فأية دولة تسمح بذلك؟! إلا أن تكون نفسها أداة لممولين خارجيين؟! أية دولة سوى السلطة الفلسطينية التي تسمح بذلك التدخل الفاضح في شؤونها الداخلية؟؟!! 

وعلى إثر تلك القوانين أصبح العدد التقريبي لتلك المنظمات في الضفة الغربية 2,100 منظمة، وفي قطاع غزة 899 منظمة وذلك وفق تقديرات عام 2009م. 

 

ويضيف تقرير مراقبة قانون المنظمات غير الحكومية في فلسطين حقيقة خطيرة ومرعبة لكل ذي عقل فيقول: "لا يضع القانون الفلسطيني نظرياً أي عوائق على حقوق الجمعيات حيث أن للجمعيات حرية الانخراط في النقاشات حول السياسات العامة وجمع التمويل من المصادر الأجنبية والمحلية والاندماج مع بعضها البعض وحل نفسها بدون أي تدخل حكومي كما يمكن للجمعيات الارتباط بمنظمات أجنبية أو محلية بدون الحصول على إذن مسبق كما أن للجمعيات الأجنبية الحرية في إنشاء فروع لها في فلسطين طالما أعطيت لها موافقة من قبل وزارة الداخلية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي".

 مما يعني أن تلك المنظمات المغرضة الممولة من أعداء الأمة تسرح وتمرح في بلادنا وتنفذ خطط المستعمرين وبرامجهم دون رقيب أو حسيب بل وتجد دعما وحماية من السلطة.

وفي ظل تلك الأجواء التي توفرها السلطة لهذه الأدوات الاستعمارية الفتاكة، تنتشر الجمعيات الممولة غربياً لتنشر الرذيلة والفحشاء بين أهل فلسطين فتنتشر جمعيات تعنى بالرقص والاختلاط تحت مسميات عدة، وتنبت أخرى كالفطر السام في ظل حماية السلطة لتشجع العري والفجور عبر مباريات كرة القدم النسائية واتحادات الرياضة النسائية وأخرى لحماية المرأة والطفل وغيرهن من الجمعيات التي تتستر خلف مسميات خادعة، فتتدخل في المناهج التدريسة والدورات التعليمية والمنح الدراسية لتفسد الشباب والأجيال عبر برامج صنعت خصيصا وصممت لتسلخ شباب الأمة عن عقيدتهم وثقافتهم الإسلامية، حصن الأمة الذي يجب أن يبقى حصيناً لا يمس. 

 

ويتعدى سمّ تلك المنظمات ليطال المهنيين والأطباء والمهندسين والأكاديميين عبر دورات وخطط وبرامج وفرص عمل وبعثات للخارج تحاول من خلالها تلك المنظمات ومن يقوم على تمويلها غسل العقول وشراء الذمم لخدمة مصالح الأعداء ومشاريعهم في بلادنا.

 

إن على أهل فلسطين الوقوف في وجه هذه المنظمات وبرامجها وفي وجه السلطة التي مكّنت لها في بلادنا، فلا يتعاملوا معها ولا يثقوا بها ولا تؤتمن على شباب الأمة وفتياتها، بل يجب أن تقاطع فلا يتعامل معها وتنبذ، فهي أوكار تجسس وعمالة للغرب  وأدوات رخيصة لخدمة أهدافه وترسيخ وجوده ونفوذه في بلادنا. 

 

إن حزب التحرير في فلسطين كان رائداً في الوقوف في وجه تلك المنظمات ونشاطاتها الهدّامة؛ فتصدّى لنشاطاتها وعمل على إحباطها ونشر الوعي على أساليبها وأهدافها وحشد الأهل للتصدي لها ومنع أبنائهم من المشاركة في فعالياتها وأنشطتها، وهو لا زال يستنفر أهل فلسطين ويأخذ بيدهم للعمل على التصدي لهذه المنظمات وعدم تمكّينها من تحقيق أهدافها الشيطانية الخبيثة. 

 

"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ "

 

 

7-4-2013