أوردت صحيفة الحياة وغيرها العديد من الصحف والوكالات خبر إعلان الخارجية السعودية الجمعة 18/10/2013 اعتذار المملكة عن قبول عضويتها في مجلس الأمن غداة انتخابها لشغل مقعد غير دائم في الهيئة الدولية، وذلك بسبب فشل المجلس بحسب الخارجية في حل القضية الفلسطينية والنزاع السوري وجعل الشرق الأوسط خاليا من السلاح النووي.

الناظر في أسباب خطوة المملكة يظنها لأول وهلة "مرجلة" وعنترية كما يروج لها بعض التائهين وفاقدو البوصلة السياسية ووسائل الإعلام المأجورة، إلا أنّ الواقف على حقيقة الأسباب يدرك أنّها لا تقل شرا عن قبول عضوية مجلس الأمن أو الاعتراف به، وهي مسرحية سمجة.

ففيما يتعلق بقضية فلسطين، فأعظم ما تريده لها المملكة السعودية هو انجاز مبادرة السلام العربية التي أطلقها عام 2002 الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية للسلام في الشرق الأوسط بهدف إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع "إسرائيل". أي أنّ حل قضية فلسطين بنظر المملكة السعودية هو التفريط بثلاثة أرباع فلسطين لكيان يهود مقابل دولة هزيلة للفلسطينيين وسلام شامل وتطبيع كامل!!. في تغيب كامل للحل الذي يفرضه الإسلام لفلسطين والقاضي بوجوب تحريرها بكامل ترابها من دنس يهود عبر الجيوش.

أما النزاع السوري فما تريده المملكة السعودية له هو تدخل عسكري في سوريا أي احتلال أجنبي للشام المباركة، وتجريد الشام من السلاح الكيماوي الذي بُني من عرق أهل الشام وقوت عيالهم، أما نصرة المظلومين على المجرم بشار وتحقيق مطالب المسلمين في الشام بأن يتحرروا من الطاغية ليحكموا أنفسهم بالإسلام فهذا أخر ما يمكن أن تفكر به المملكة أو تدعو له!! في تغييب تام لحكم الله القاضي بوجوب نصرة أهل الشام وتمكينهم من إقامة حكم الله في الأرض.

وأما جعل الشرق الأوسط خاليا من السلاح النووي، فيا ليتها كانت تقصد "إسرائيل"، بل جل همها هو إيران وبرنامجها النووي، فهي ترى السلاح النووي بيد المسلمين خطرا عليها ولكن لا ترى في السلاح النووي بيد اليهود ضيرا، وتغلف ذلك بالنزاعات الطائفية المقيتة (السنة والشيعة). وهنا أيضا تغييب مطبق لحكم الله القاضي بوجوب تملك المسلمين للسلاح النووي وكل أشكال السلاح الكفيل بإرهاب الأعداء وامتلاك قوة الردع والفتح.

وهي قبل كل ذلك، لم تنظر إلى حكم الله في مجلس الأمن الذي ما أنشئ إلا للوقوف في وجه المسلمين وتحقيق مصالح الغرب، منذ ما كان يسمى بعصبة الأمم المتحدة التي نشأت على انقاضها هيئة الأمم وكانت استمرارا لما يسمى "الأسرة الدولية النصرانية " و "القانون الدولي" التي انبثقت عن "مؤتمر وستفاليا" الذي عقدته بعض الدول النصرانية في غرب أوروبا عام 1648 من أجل الوقوف في وجه الدولة الإسلامية آنذاك، وهي كذلك لم تنظر في جرائم مجلس الأمن بحق المسلمين في العراق وأفغانستان وكوسوفا وبورما وكشمير والهند وفلسطين... وغيرها الكثير مما اقترفته دول الكفر تحت غطاء قرارات وقوانين مجلس الأمن.

فالمملكة السعودية لم تراع حكم الله ولا حرمات المسلمين في نظرتها إلى مجلس الأمن بل سطرت منهجها العميل في التعامل مع هذا الصرح المجرم قائلة في بيان وزارة خارجتها: "المملكة العربية السعودية، وهي عضو مؤسس لمنظمة الأمم المتحدة لتفتخر بالتزامها الكامل والدائم بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة إيماناً منها بأن التزام جميع الدول الأعضاء التزاما أمينا وصادقا ودقيقاً بما تراضت عليه في الميثاق هو الضمان الحقيقي للأمن والسلام في العالم". لتشهد على نفسها أمام الناس وأمام الله بالفسوق والإجرام.

هذه أبرز اعتراضات المملكة التي تشير إلى مدى انخراط المملكة في ألاعيب وأحابيل الغرب المجرم ومخططاته تجاه قضايا المسلمين، وهي تشير إلى أنّ الأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذه الخطوة تعود إلى خدمة أسيادهم في ظل تعدد الولاءات وانقسامها ما بين أمريكا المهيمنة على المجلس وبريطانيا المناكفة أو النأي بنفسها عن منبر تعرف أنه سيلحق بها اللوم والعتاب والسبة خلال السنتين القادمتين لما سيتخذه المجلس من قرارات هي بالقطع ضد مصالح المسلمين.

ولكن بإذن الله وبجهود المخلصين الواعين من الأمة ستذهب كل مخططات الغرب وأذنابه الحكام ضد المسلمين أدراج الرياح، وقريبا إن شاء الله ستضع الأمة مولودها العظيم (دولة الخلافة) التي ستعيد رسم الخريطة الدولية، وتعيد تشكيل موازيين القوى، وبناء صروح العدل ونصرة المظلومين.

20/10/2013