نشرت وكالة رويترز (30-12-2013) خبر الإفراج عن الدفعة الجديدة من الأسرى الفلسطينيين تحت عنوان "إسرائيل تفرج عن سجناء فلسطينيين قبل زيارة كيري"، حيث وافقت على إطلاق سراح 104 من الأسرى الذين يقضون أحكاما بالسجن لفترات طويلة، وذلك "في إطار مساع تقودها الولايات المتحدة أحيت في يوليو تموز الماضي محادثات السلام بعد توقف استمر ثلاث سنوات... وكان مسؤول "إسرائيلي" قد قال يوم الجمعة الماضي إنه سيتم بعد الإفراج عن السجناء إعلان خطط لبناء 1400 منزل للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة" حسب الخبر.

في الوقت الذي نفرح فيه ونبارك لكل أسير يتحرر من خلف قضبان الاحتلال اليهودي، نشعر بالأسى على من ظل منهم مكبلا بسلاسل العدو اليهودي، من الذين تجاوزتهم صفقات الأسرى التي تبرمها السلطة، حيث رضخت لإملاءات اليهود بأن لا تشمل من اعتُقل منهم بعد اتفاقيات أوسلو، وملحقاتها الأمنية التي جعلت من بعض أبناء فلسطين حرسا لهذا الكيان اليهودي المجرم.

إن الأسرى الذين بذلوا من حياتهم ومن حريتهم وتحملوا القهر تحت وقع العدوان اليهودي، قد ناضلوا لتحرير وتطهير فلسطين، وهم الذين اعتنقوا فكرة أن الحياة كفاح، وليست مفاوضات كما يروج قادة المشروع السلطوي المتآمرون. والأسرى المحررون، وخصوصا أولئك الذين أسروا قبل اتفاقية أوسلو، لم يتقنوا لغة "المشروع الوطني" الجديد الذي يلهث خلف سلطة تحت الاحتلال تعفيه من مسئولياته، وتحمّل الناس تكاليف تشغيلها.

بل هم الذين ناضلوا في أجواء سياسية وشعبية لم تكن قد تلوّثت بأدبيات "حل الدولتين" ولا بعار "التنسيق الأمني" مع المحتل، ولا بفساد "التنافس السلطوي" بين الفصائل على كعكة السلطة المسمومة، بل أُسروا وهم يعتبرون حل الدولتين جريمة، ويدركون أن كل اتصال مع العدو اليهودي خيانة. كيف تكتمل فرحتهم اليوم وهم يتحررون من سجن صغير إلى سجن السلطة الكبير؟

وإن السلطة الفلسطينية التي استمرأت الخيانة والانبطاح أمام اليهود، "تبدع!" في التآمر مع أمريكا وفي تنفيذ خطة كيري، وفي تمرير المشروعات الاستيطانية والتنازلات التي لا تتوقف، وإلباس ذلك كله لباس الانجازات الخادعة والمضللة، مما يضاعف جرائمها في حق فلسطين والأمة.

إن من الواجب على أهل فلسطين وهم يحتفلون بهؤلاء المحررين ويحتفون بهم أن لا يمكّنوا طاقم المفاوضات أن يمرر خيانته عبر ركوب أكتاف هؤلاء المحررين، ومن الواجب على المحررين أن يترفعوا عن أن يكونوا مطية لعباس وعصابته ممن تلطخت وجوههم بعار التنازلات والتنسيق الأمني مع الاحتلال، وهم الذي تمشقوا السلاح في طريق الكفاح لا في طريق الانبطاح.

بل إن السلطة الفلسطينية تفتح السجون لتعتقل المقاومين والسياسيين بالنيابة عن الاحتلال مخلصة في تنفيذ البنود الأمنية في الاتفاقيات التي رعاها الأمريكان، بل تساهم في تسليم بعضهم للاحتلال ليصبحوا أسرى ثم تذرف عليهم دموع التماسيح!

إن الموقف المفضوح هذا كفيل بسحب البساط من تحت أرجل عباس وسلطته، قبل أن يتمكن من مزيد من الخيانات والتكبيل الأمني واستجلاب قوات دولية كاحتلال جديد فوق الاحتلال اليهودي حسب ما طفح من خطة كيري، وحسب ما تجرأ عباس في أكثر من مناسبة على الإفصاح عنه.

وإن الأنظمة القمعية المتسلطة على رقاب العباد شريكة للسلطة في جرائمها، وهي التي فرطت بفلسطين وتخلّت عن أهلها، وتقاعست عن تحريك جيوشها ضد هذا الاحتلال اليهودي المجرم، وتركت الأسرى لقمة سائغة للمحتل اليهودي، فهي المتآمرة على الأسرى، وهي المتآمرة على بقاء المسجد الأقصى وفلسطين كلها في أسر الاحتلال اليهودي.

3/1/2014