تعليق صحفي

أردوغان يتحدى الثوابت العقدية والعهدة العمرية في القدس والمسجد الأقصى

نشرت ترك برس نص المقابلة الإعلامية التطبيعية للرئيس التركي أردوغان مع فضائية العدو اليهودي (القناة الثانية)، ومن أخطر ما جاء فيها قوله (حسب ترجمة ترك برس): "المسجد الأقصى هو مكان الصلاة للأديان الثلاثة... أنتم تعرفون أن القدس مقدسة لدى الديانات الثلاثة، وعلى الجميع احترام ذلك. فمثلا إسرائيل التي نجري معها عملية تطبيع العلاقات لا أريد أن أناقش معها هذه المسائل."

إن تصريحات أردوغان الخطيرة هذه تمثل تحديا للثابت العقدي وللحقائق التاريخية لهذه الأمة الإسلامية، وللمبشرات الغيبية في مستقبلها. وهي محاولة سياسية مبطنة لتمرير تخريب ثقافي خطير لعقول المسلمين تحت شعار الإسلام الذي يرفعه.

فالله سبحانه قد ربط المسجد الأقصى بعقيدة المسلمين في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)، فلا يمكن أن تستقيم معاني مباركة الله المسجد –وما حوله- بينما "يشرعن" أردوغان أنه مكان لصلاة اليهود الباطلة!.

وقد تعهد عمر بن الخطاب في نص العهدة العمرية أن لا يسكن بالقدس أحد من اليهود، ثم أخبر الرسول –صلى الله عليه وسلم- أنه لا مقام لليهود في فلسطين، فقَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» (رواه مسلم)، وأخبر أن بيت المقدس ستكون عاصمة الخلافة القادمة، بعد أن تحرر فلسطين.

إن هذا التضليل الأردوغاني هو عزف على الألحان الاستعمارية التي ارتأت تدويل القدس، وذلك منذ أن وضعت أمريكا رؤيتها لحل القضية –في مؤتمر اسطنبول- أواخر حكم أيزنهاور خلال عامي 1959-1960، على أساس حل الدولتين، مع تدويل القدس لتكون للديانات الثلاثة.

وهي تصريحات تلتقي أيضا مع رؤى صليبية قديمة، تعود إلى منتصف القرن الماضي، حيث شن البابا –في حينه- حملة من أجل نزع القدس من أيدي المسلمين عبر تدويلها، وفي ذلك السياق أرسل بطريرك الموارنة في لبنان، بولس المعوشي، وفدا إلى الأردن لإقناع الملك حسين بتدويل القدس، في سنة1961. وثم كانت زيارة البابا بولس السادس للقدس وبيت لحم عام 1962 للضغط على الأردن لقبول تدويل القدس.

وإن "زعيما" كأردوغان، لا يمكن أن تغيب عنه هذه الحقائق العقدية والتاريخية والسياسية، ولذلك فإن تجرؤه على مثل هذه التصريحات هو إصرار على باطل التطبيع مع اليهود وعلى شرعنة احتلالهم لأرض الإسراء والمعراج، وسعي لبث الروح في الرؤية الأمريكية الاستعمارية حول تدويل القدس.

ومن هنا فإن الواجب على كل مسلم مخلص لفلسطين والأقصى أن ينكر على الرئيس التركي هذه الجرأة على هوية القدس وقدسية المسجد الأقصى، ويجب ألا تصمت فصائل المقاومة التي تعتبر أنها تحمل مشروعا إسلاميا، لتحرير المسجد الأقصى من رجس اليهود، على هذا التضليل، ولا يمكن للشعار الزائف الذي يرفعه أردوغان أن يوفّر له "حصانة" حضارية وهو يطلق مثل هذه الخزعبلات الباطلة. ولا يصح أن تنخذع ببعض التصريحات الهامشية المصلحية حول رفضه اعتبار حماس كحركة إرهابية، بينما يمرر من خلالها من مثل هذه المفاهيم الباطلة ويتحدى عقيدة الأمة وتاريخها ومستقبلها من أجل هذه "المصلحة الدبلوماسية"، التي لا قيمة لها في المشروع الجهادي للأمة الإسلامية.

26/11/2016