تعليق صحفي

وصفة للتمكين أم لإثارة الفوضى والنزاعات

على اثر قرار حكومة الحمد الله إعادة الموظفين القدامى إلى عملهم، اعتبرت حماس أن ذلك القرار نسف للمصالحة.

ومن ثم قامت نقابة موظفي سلطة حماس بمنع موظفي سلطة عباس من دخول الوزارات، حيث وُعِد موظفوا سلطة حماس بتقاضي رواتبهم من قبل سلطة عباس تمهيدا لدمجهم وفق ما يعرف بالورقة السويسرية، دون تقدم فعلي.

وبهذا العمل وما رافقه من تصريحات، نجحت سلطة عباس بتصوير أن حماس هي من تعيق المصالحة، بعد حجم التذمر تجاه سلطة عباس ومن معه جراء إبقاء عقوبات سلطة عباس تجاه قطاع غزة في كل من الرواتب وانقطاع الكهرباء وفتح معبر رفح الذي وعدت السلطة بفتحه منتصف هذا الشهر ثم نكصت عن وعودها.

إن النهج الذي تنتهجه سلطة عباس وحكومته حكومة الحمد الله إنما هو تسعير لنار الفوضى والفلتان، وذلك عبر قراراتها بحق الموظفين، ونقل للخلاف السياسي والسجال الإعلامي وفوضى التصريحات إلى الفوضى الشعبية، بين موظفين عينتهم سلطة عباس وجلسوا في بيوتهم بقرار منها، وبين موظفين عينتهم سلطة حماس لملأ الشواغر بعد أحداث الانقسام والاقتتال والطلب من الموظفين الاستنكاف وعدم التعاطي مع سلطة حماس.

فقضايا سلاح المقاومة والأجهزة الأمنية ورواتب الموظفين، تحاول سلطة عباس التبرؤ منها بحجة عدم شرعيتها، وهي تدعي المصالحة، وكلها تخوف من بقاء حماس في المشهد وتكرار نموذج حزب الله في لبنان "ترك الحكومة وعدم ترك الحكم"، وحماس تعلم يقينا إن هدف عباس من المصالحة هو إنهاء أية مقاومة لكيان يهود، بل وجعلها حركة سياسية، يسهل الاعتقال والتنكيل بقادتها وعناصرهم كما هو الحال في الضفة الغربية.

بل إن تخوفات عباس نحو سلاح المقاومة، يمتد لما هو أبعد من ذلك، فهو يرى فيه خطرا على سلطته، فيما لو نشبت حرب على قطاع غزة، أو فيما لو أطلق صاروخ من قطاع غزة، فإن كيان يهود والذي يعمل لتخريب فكرة المصالحة إذا كانت لا تتضمن الاعتراف الصريح به من قبل حماس وغير ذلك من المتطلبات، سيستغل الحدث في إثارة الرأي العام الدولي ضد عباس الذي لم يسترجع شبرا ولم يفرض سيادة ولم يزل مستوطنة وهو يستجدي المواقف الدولية، ولم يجن منها إلا الفشل والإهانة تلو الإهانة.

أما مصر ونظامها فإن جل همهم هو إمساكهم بأطراف الخيوط في قضية فلسطين وفقا للرؤية الأمريكية، واستئناف المفاوضات كما صرحت الخارجية المصرية، ولذلك لم يكن لهم موقف بات في حوارات القاهرة الماضية، تجاه مواقف سلطة عباس من المصالحة واشتراطها التمكين في غزة وهو الأمر الذي لم يحصل لهذه السلطة في الضفة وقوات يهود تجوب المدن جيئة وذهابا، تعتقل من تريد وتقتل من تريد.

وبين هذا وذاك يبقى أهل فلسطين وغزة خصوصا في لظى النيران والعقوبات، وينشغل قادة الفصائل بشجون تلك المصالحة، بينما يتقرب سياسيون وإعلاميون وأكاديميون وخاصة في الخليج من كيان يهود، تارة عبر إنكار فلسطين، وتارة بإثارة الأحقاد على أهل فلسطين، وغير ذلك من الحجج التي يحاولون بها التقرب إعلاميا وشعبيا من كيان يهود، تمهيدا للتطبيع، وتصفية ما تبقى من قضية فلسطين، إرضاء لأسيادهم في أمريكا.

 

"وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ"

 

29/11/2017