srael president uae

بقلم: م. باهر صالح
عن الراية
لقد أصبح من نافلة القول إن حكام المسلمين ومنهم حكام الخليج هم أدوات رئيسة في مسلسل تصفية قضية فلسطين لصالح كيان يهود، وهم يتسابقون في ذلك أحيانا، أو يتباطؤون تبعا للأوامر العليا التي تأتيهم من واشنطن أو لندن، وتبعا لبعض الحيثيات والمستجدات التفصيلية، ولكنهم بالنهاية متفقون ومتواطئون على تصفية القضية لصالح الاحتلال.

وفي هذا السياق يأتي تأكيد دول مجلس التعاون الخليجي يوم الأربعاء الماضي على مواقف دول المجلس الست "الثابتة من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".

فحتى هذا التصريح والذي جاء في سياق الرد واتخاذ موقف من الانتهاكات الأخيرة التي قام بها كيان يهود بحق المسجد الأقصى وهو من المفترض أن يكون تصريحا إيجابيا وداعما لقضية فلسطين، إلا أنه يشكل إدانة واضحة وكشفا لمواقف حكام دول الخليج المخزية، فهو يؤكد على أنهم يدعمون دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أي أنهم لا يدعمون تحرير فلسطين ولا إخراج يهود منها، بل تمكينهم على أكثر من 80% من أرض فلسطين، وتقسيم القدس إلى شرقية وغربية ومسامحة يهود بالغربية دون الشرقية، أي أنه تفريط واضح بثلاثة أرباع فلسطين والقدس مقابل دويلة هزيلة تسمى فلسطينية على أقل من ربع مساحة فلسطين، وهو عينه المشروع الأمريكي القديم الذي أقرته الإدارة الأمريكية عام 1959م من أجل حل الصراع على نحو يمكّن يهود من الأرض المباركة ويحفظ له أمنه واستقراره في خاصرة الأمة الإسلامية.

أما تصريحهم بأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى، فهو صحيح لو كان الحديث عن الشعوب والناس، وهذا أمر طبيعي لأن فلسطين والقدس والأقصى مهوى أفئدة المسلمين وارتباطهم بها نابع من ارتباطهم بالإسلام وبمحمد ﷺ وبسورة الإسراء، وهذا ما يقف شوكة في حلوق الاستعمار ويهود والحكام، أما إن كانوا يقصدون بأنها قضية الحكام الأولى فهذا هراء وكذب صريح، بل كل مواقفهم القديمة والحديثة والمستجدة تذهب باتجاه مصالح الاستعمار وتصفية قضية فلسطين لا نصرتها.

ولا أدل على ذلك مؤخرا من حملات ومشاريع التطبيع العلنية التي يشارك فيها حكام الخليج بكل وقاحة وسفور، غير آبهين بعدوان يهود المتواصل على أهل فلسطين، والتي ملأت الآفاق واشتهرت في الجنبات حتى لم تعد تخفى على أحد.

ولقد بات واضحا في السنوات الأخيرة مدى تآمر الحكام، ومنهم حكام الخليج، على قضية فلسطين، بحيث يساهمون بعلاقاتهم والأموال التي اغتصبوها من الأمة الإسلامية، في تذليل العقبات أمام تصفية القضية؛ فمن جانب يقيمون العلاقات العلنية والسرية مع الكيان الغاصب والتي من شأنها أن تفتح المجال أمامه للنفاذ للبلاد الإسلامية شعبيا وتجاريا ولوجستيا، ومن جانب آخر يعملون من خلال علاقاتهم مع بعض الفصائل في قطاع غزة والسلطة على تركيع أهل فلسطين وترويض الممانعين أو المقاومين.

ولقد وجدت الإدارة الأمريكية الحالية والتي سبقتها ضالتها في حكام الخليج لا سيما وهم يتهافتون لنيل رضاها إما عمالة لها أو مسايرة بأوامر من سيدتهم العجوز بريطانيا بعد أن باتت تساير أمريكا طمعا وخوفا، فترامب حينما كان في السلطة قد استغل حكام الخليج أبشع استغلال؛ نهب الأموال وأجبرهم على تقديم مئات المليارات قرابين بين يديه، ثم بدأ بهم حلقات التطبيع العلنية مع كيان يهود في الاتفاق الذي سمي اتفاق "أبراهام" وجرهم جرّاً نحو التطبيع وتنفيذ مخططاته في الشرق الأوسط، ثم جاء بايدن وواصل المشوار، فكان دور الإمارات الوقح في التطبيع مع كيان يهود، ودور قطر في التحكم بغزة وفصائل المقاومة وقيادات غزة، وكانت المغازلة والزيارات والتطبيع شبه العلني مع حكام السعودية، والتطبيع العلني مع البحرين، والتسريبات المتكررة عن العلاقات والزيارات مع سلطنة عمان، وهكذا والحبل على الجرار، فقد أصبح لحكام الخليج الدور الريادي في التطبيع وتنفيذ مشاريع أمريكا ويهود في المنطقة.

والمحصلة أن حكام الخليج كما باقي حكام المنطقة؛ حكام مصر والأردن وتركيا والمغرب وتونس، كلهم أحجار شطرنج بيد قوى الاستعمار الغربي، والغرب بقيادة أمريكا قد حسم قراره منذ عقود بضرورة تمكين يهود في الأرض المباركة وتهيئة الأجواء والعلاقات لضمان أمنه وبقائه في خاصرة الأمة الإسلامية، ولذلك ترى الحكام يتقاطرون إلى تقديم مراسم الولاء والطاعة للغرب حينما يطلبهم لذلك، فيطبعون ويقيمون العلاقات ويروجون لمشاريع التفريط ومخططات التقسيم والتقزيم، ويمتنعون عن أدنى مواقف الإزعاج أو التنغيص على الاستعمار وكيان يهود، ولذلك رأينا مؤخرا كيف أن حتى عبارات شجبهم وبيانات استنكارهم باتت مضبوطة وبالحد الأدنى وفي الوقت الضائع، لأنهم قلبا وقالبا مع يهود والغرب.

أما فلسطين بقدسها وأقصاها فهي تتوق للتحرير وليوم نصر وعزة لا تكون إلا على أيدي جيوش الأمة وقواها المخلصة، ولقد بات يقض مضاجع يهود والاستعمار نداء أهل فلسطين للأمة وجيوشها واستنفارهم ليل نهار ليهبوا لمعركة التحرير، وإن ذلك لكائن قريبا بإذن الله.

 

*عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)