Radar22622

بقلم: الأستاذ خالد سعيد*
عن الراية
في لحظة غفلة من الأمة تمكن الكافر المستعمر من هدم كيانها السياسي، وحصنها الذي تلوذ إليه، وركنها الشديد الذي تمتنع به عن أعداءها، تمكن الغرب من هدم دولة الخلافة، وعاث في بلاد المسلمين فساداً وإفساداً، وأعمل خنجره المسموم في جسدها فقطعها بضع وخمسون مزقة، وللمحافظة على هذه الحالة من الفرقة والشرذمة، وتكريس الضعف والتناحر فيما بين تلك الكيانات المرتبطة في وجودها وسياستها بالغرب الكافر، للمحافظة على ذلك تمت زراعة كيان يهود في قلب العالم الإسلامي، فلم يكن اختيار فلسطين لتكون بؤرة الصراع اعتباطاً لما له من أبعاد عقائدية، وتاريخية، وسياسية.
رغبة يهود في تحقيق معتقداتهم الموهومة والزائفة كانت الدافع الأكبر لتلتقي المصالح الخبيثة، كي ينجح الغرب في استغلالهم واستخدامهم كأداة لضرب الأمة الإسلامية، ولأن الدول الاستعمارية الغربية تدرك تماماً استحالة قدرة اليهود على البقاء، وخوض المواجهة بينما تحيط بهم شعوب الأمة الإسلامية كالبحر من كل جانب، فقد أسس لهم كيانهم في الأرض المباركة فلسطين، ومدهم بكل أسباب الحياة، ودعمهم بأقوى الأسلحة، وأعلى التقنيات المدنية والعسكرية، وأمن لهم حماية كاملة من الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، مع التركيز على المحيط القريب فيما عرف بدول الطوق، التي تحيط بفلسطين كالسوار للمعصم، وهي سوريا ولبنان ومصر والأردن، فضمن ارتباط تلك الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين به مباشرة، تنفذ سياسته وتضبط حركة شعوبها بما لا يهدد وجود كيان يهود.
وحيث يبذل الغرب كل ما في وسعه من جهود لتأمين استقرار كيان يهود في المنطقة، فإن اتفاقيات التطبيع المعروفة باتفاقيات أبرهام، التي وقعت مع بعض الدول العربية كخطوة أولى لتشمل كافة الدول في المنطقة، تأتي تلك الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية في سياق تأمين كيان يهود، ، وفي نهاية فترة حكم ترامب في يناير 2021 كانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعلنت عن إجراء تغيير في "خطة القيادة الموحدة" يقضي بنقل "إسرائيل" من منطقة عمليات القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية، وهي خطوة تفتح الباب أمام كيان يهود لممارسة نشاطات عسكرية في المنطقة لا بوصفه عدو ولكن بوصفه حليف وصديق، فيما يتم تمرير هذه الخيانات والمؤامرات بذريعة محاربة الإرهاب والتهديدات الإيرانية.
وكتطبيق عملي لهذه الخطوة، أُعلن مؤخراً عن نشر كيان يهود منظومة رادارية في مناطق بالشرق الأوسط بما فيها الإمارات والبحرين، وقد تزامن هذا الإعلان مع تقديم مشروع قانون للكونغرس الأمريكي من الحزبين الجمهور والديمقراطي، يدعو وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إلى العمل على توحيد الدفاعات الجوية بين دول المنطقة العربية وكيان يهود، فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال:" أن مشروع القانون هو أحدث محاولة من جانب الولايات المتحدة لتعزيز التعاون الدفاعي بين "إسرائيل" والشرق الأوسط بعد تطبيع العلاقات مع العديد من الدول العربية، بعد أن كانت هذه الحكومات معادية لإسرائيل". وفي إطار تلك الخطة الخبيثة الذي يحيكها الغرب الكافر ضد أمتنا الإسلامية، جاءت زيارة رئيس وزراء الكيان نفتالي بينيت، لتكرس حقيقة وقوف تلك الأنظمة في خندق كيان يهـود وفي صف أعداء الأمة الإسلامية التي يكيدون ضدها ليل نهار خوفاً على عروشهم وتثبيتا لكيان يهـود.
==
وبالنظر إلى واقع كيان يهود فقد أثبتت التجربة بما لا يدع مجالاً للشك أنه كيان ضعيف وهش لا يملك القوة والقدرة على حماية نفسه، إلا بما توفره له الأنظمة العميلة من حماية، وداخلياً فهو كيان مفكك ومتناقض ، وإذا أخذنا بالحسبان جغرافيا فلسطين فهي تمتد طولياً إلى 430 كم وعرضياً تتراوح ما بين 50 شمالاً إلى 120 كم كأقصى حد جنوباً، وحدودها مع الأردن تصل إلى 335 كم، وهي الحدود الأطول والأكثر هدوءً بفضل وجود النظام العميل في الأردن، أي أن الكيان لا يملك العمق الاستراتيجي الذي يمكنه من خوض معركة فاصلة وحاسمة على أراضيه – إن صح التعبير –، وهو ما يفسر سعي الكيان إلى نقل معاركه إلى الخارج دائماً، ويفسر أيضاً سعيه لبناء سياج أمني لحمايته استباقياً، عبر بناء منظومة الدفاع المشترك، ونشر الرادارات في بعض البلاد العربية.
ورغم مرور كل هذا الوقت على تأسيس الكيان منذ 74 سنة، إلا أنه لا زال يفتقد إلى الشعور بالاستقرار والأمان، والخوف من فناءه ملازم له ومتأصل في التفكير الجمعي والنخبوي في الكيان، فالعلاقة كانت دائماً مع الأنظمة الفاقدة للشرعية في بلادها أصلاً، ولم تكن لشعوب الأمة أن تقبل بوجود الكيان على أي أرض من بلادنا فكيف بوجوده في الأرض المباركة فلسطين.
ويؤكد هذا الأمر كثرة الحديث ومناقشة مستقبل ومصير الكيان، بل تحديد نهايته وهزيمته وقرب زواله، كتب في ذلك الكثير كان من أبرزهم رئيس الوزراء السابق للكيان إيهود باراك في مقالة كتبها في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية جاء فيه " إن تجربة الدولة العبرية الصهيونية الحالية هي التجربة الثالثة وهي الآن في عقدها الثامن، وإنه يخشى أن تنزل بها لعنة العقد الثامن كما نزلت بسابقتها. "
تصاعد التحركات لتأمين الحماية لذلك الكيان يعكس الشعور بتنامي مشاعر البغض والكراهية ضد الكيان، وتصاعد تحركات الأمة نحو إزالة ذلك الكيان والقضاء عليه، كما يؤكد فشل كل تلك المخططات التي حيكت من أجل تدجين الأمة وخلق بيئة حاضنة للكيان كجزء طبيعي من مكونات المنطقة.
الأمة الإسلامية تتوق إلى يوم المواجهة، وتتحضر للموقف الفاصل، ومتأهبة ومستعدة للبذل والتضحية من أجل إنجاز التحرير، وتطهير المسجد الأقصى من رجس يهود، هذا أمر لا نشك فيه، ولكن على الأمة أن تزيد من جرعة الوعي لديها، فتوجه بوصلتها إلى جيوشها، تلك القوة المختطفة من قبل الأنظمة العميلة الحاكمة في بلادنا، والتي توفر الحماية لكيان يهود، فصار لزاماً أن تبدأ خطة التحرير باستعادة الأمة لسلطانها المسلوب، وإجبار حكامها للتحرك وتحريك الجيوش نحو فلسطين، فإن أبوا فخلعهم واجب، وإقامة خلفية ينقاد للإسلام ويقودنا به واجب، حينئذٍ يفتح الطريق نحو فلسطين، وحينها يكون النصر قاب قوسين أو أدنى، ولسان حالنا يقول لكم: "ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ".

*عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين