جمهورية سورينام والدبلوماسية الفلسطينية
بقلم: عبد الرحمن يوسف
في البداية لا أود التقليل من أهمية هذا البلد الذي سمعت به اليوم لأول مرة، فأهله على كل حال شعب مستقل يحترم نفسه، وليس مثل السلطة الورقية "الفلسطينية". ولكن الذي لفت نظري ودفعني إلى البحث عن هذه الجمهورية هو ما قاله المالكي من أن اعتراف جمهورية سورينام بالدولة "الفلسطينية" يؤكد على نجاح الدبلوماسية "الفلسطينية".
وإذا سلمنا بوجود هذه الدبلوماسية ومهنية من يقف على رأسها -فقد سبق أن تطرقت إلى مناقب هذه الدبلوماسية- عندما أعلن المالكي أنه سيسبق الجميع في فتح سفارة في جنوب السودان المنفصل، وغيرها الكثير من نجاحاته. لذلك نضيف هذا الإنجاز العظيم إلى رصيده الباهر، ونحاول إبراز مكتسباته وآثاره على الساحة الدولية.
إن الحالة التي تعيشها السلطة الورقية في فلسطين تستوجب منها البحث عن دول مؤثرة وفاعلة في الساحة الدولية مقابل الصلف "الإسرائيلي"، والانحياز الأمريكي، والعجز الأوروبي. وكنا نظن أن هذه الجمهورية لها وزن سياسي أو اقتصادي أو جغرافي أو حتى ديموغرافي، يمكن أن يدعم موقف السلطة البائس.
تقع هذه الجمهورية في أقصى شمال أمريكا اللاتينية، ويبلغ عدد سكانها أقل من نصف مليون نسمة، وليس لها دور اقتصادي أو صناعي أو حتى سياحي قد يؤثر في السياسة الدولية أو يكون عونا للسلطة في كفاحها الدبلوماسي المزعوم. ولا أظن أن عددا من أهل فلسطين يجاوز عدد أصابع اليد يعلم عن هذه الدولة شيئاً. وأظن أن رد فعل "نتنياهو" على مثل هذا الاعتراف سيكون أشبه برد هتلر عندما قيل له إن الأردن قد أعلنت دخولها الحرب مع الحلفاء ضد ألمانيا .
في خضم الغليان الذي تشهده الأمة كنا نتوقع أن يرعوي أزلام السلطة عن سخافاتهم، وأن يطأطئوا رؤوسهم للريح حتى لا تقتلعهم، لكنهم لا يعقلون. والذي يبدو أنهم في غيّهم سادرون، بل يظنون أنفسهم في مأمن من حساب الأمة كونهم يتدثرون بعباءة المحتل. وهم يواصلون اعتداءاتهم على أبناء الأمة ويفرطون في مقدساتها دون وازع أو حياء، والعاقل لا يفعل ذلك. فقد كان المنطق السليم يتطلب منهم أن يراجعوا حساباتهم ويقلعوا عما هم فيه من الخيانة، وإذا كانوا لا يحسبون للآخرة حسابا فإن حساب الدنيا قد بدأ عند إخوانهم في مصر وتونس، ولا أظن أن الأمة ستتركهم دون حساب. نعم إن عقد الأنظمة قد بدأ ينفرط وسيعود للأمة سلطانها قريبا بإذن الله، والأمة تعلم جيدا مكانة بيت المقدس، كما تعلم جيدا من خان وفرط في بيت المقدس ومحيط بيت المقدس. ولن يبقى هناك احتلال يتدثرون بعباءته، ولن تبقى أمريكا ولا الاتحاد الأوروبي، فلكل منهم يومئذ شأن يغنيه. وسيبحث هؤلاء عن أنفسهم كيف سيتعاملون مع دولة الإسلام، ولن يلتفتوا إلى الأذناب والنواطير والعبيد.
نحن نتوقع من السلطة أن تتوب عما تقوم به، وأن تقلع عن ممارساتها ضد الأمة ومقدساتها وأبنائها. ويكفيها ما اقترفت من خطايا وخيانات، وأن تطلب الغفران من الأمة قبل أن يأتيها يوم الحساب في الدنيا قبل الآخرة. ولتعلم السلطة وأزلامها أن فلسطين سيحررها المسلمون لا سواهم فهذا وعد الله ولن يخلف الله وعده.       
2-2-2011م