بمقدار ما تتوالى قذائف الموت وتستمر في تدمير مدن سوريا الثائرة وتنشر الموت والقتل في حمص وحماة وإدلب وريف دمشق ودرعا... تتوالى بالوتيرة نفسها مؤتمرات واجتماعات وقرارات جوفاء ممن يتباكون من تلك الجرائم ويتظاهرون بنصرة حقوق الإنسان، ففي يوم الخميس 19/4/2012م عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً مغلقاً للاطلاع على تقرير (بان كي مون) بشأن إرسال بعثة مراقبين موسعة إلى سوريا، وفيه أيضاً وقعت سوريا رسمياً على بروتوكول التفاهم الأولي الذي ينظم آلية عمل المراقبين الدوليين، وكذلك عُقد في باريس مؤتمر للمجموعة الرائدة من أصدقاء سوريا حضرته 14 دولة تتباكى على الدم السوري. وأما ما جاء من عبارات التهديد في مسودة البيان الختامي من أنه إذا لم يتحقق ذلك، "فـسيكون على مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي النظر في خيارات أخرى"، فهو كلام استهلاكي وخداع للناس، وسيستغله نظام الأسد المجرم ليستمر في جرائمه التي يعلم أنه لن يسائله عنها أحد من ذلك المجتمع الدولي المنافق، وبالتالي يمكن القول إن هذه فرصة جديدة تعطى له لكي يقضي على الثورة.
تحاول أمريكا بشتى الطرق لملمة الأوضاع في مصر لتعود على ما كانت عليه، وتحاول استنساخ نظام مبارك القديم -ولو جزئياً- بوجوهٍ جديدة، وإن استطاعت بوجوه قديمة من فلول النظام السابق تطمئنّ لتبعيتهم لها، وتحاول صرف المسلمين عن سعيهم لتمكين الإسلام في الحكم، فتقوم بإلهاء المسلمين بقضايا تُكَرِّس البعد عن الإسلام وحكمه وتمكينه في دولته، دولة الخلافة الإسلامية الراشدة، وذلك بافتعال أزمات سياسية بعيدة عن القضية الحقيقية المصيرية للمسلمين المتمثلة في إقامة الخلافة. فما تشهده الساحة السياسية الآن من صراعات وأزمات حول ما يسمى باللجنة التأسيسية للدستور،
في الوقت الذي تقصف فيه الدبابات والطائرات والمدفعية التابعة لقوى العصابة الحاكمة في دمشق مدن سوريا الثائرة... وفي الوقت الذي أعطى العالم للنظام الوحشي مهلاً تُعرف بدايتها ولا تُعرف نهايتها تسفك فيها دماء المسلمين الطاهرة... وفي الوقت الذي تلاحق رصاصاتُ الموت اللاجئين من أهل البلد على حدود تركيا ولبنان والأردن فتقتلهم وتجرحهم من غير أن ترى من تلك الدول أي ردة فعل لانتهاك السيادة الكاذبة...
لقد اطلعت على موقعكم، فوجدتكم نشرتم (تحت عنوان: أسطورة الثورة.. 23--التيار الإسلامي وأزمة المشروع السياسي) رداً ثانياً لكم على رسالة النصيحة التي وجهها الحزب لكم بتاريخ 29/11/2010م.
ولكن ردكم الأول على رسالة "النصيحة"، لم يكن هو الرد المنشور في الموقع، بل كان ردكم الأول هو المؤرخ 8-9/12/2010 على رسالة النصيحة، وهذا نصه:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛
لقد اطلعت على كتابك المذكور بأبوابه العشرة...، وبناء عليه فإني مرسلٌ لك هذه النصيحة بشقيها (البيان والعتاب)، وذلك استجابة لقول رسول الله ًصلى الله عليه وسلم «الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ »
في ظل الثورات في البلاد العربية وغليان الأمة الإسلامية، وانتقال حرارة السخط ضد الحكام وأنظمتهم من بلد لآخر، في ظل هذه الظروف تُصارع القوى في العالم من أجل اختطاف هذه الثوارت والإبقاء على مصالح المستعمرين وإجهاض عودة الإسلام عبر إقامة الخلافة!